الحمد لله ، أعظم وسيلة للتفقه في دين الله أن يتقي الله العبد ، وأن يقبل عليه راجيًا خائفًا ، لأن تقوى الله جل وعلا من أسباب ومن وسائل ، بل هي أعظم وسائل تحصيل العلم ، قال – جل وعلا – (( يا أيها الدين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا)) والقرآن كله فرقان ، والنبي – صلى الله عليه وسلم – جاء بالفرقان ودين الله فرقان بين الحق والباطل وبين التوحيد والشرك وبين الضلال والهدى . لهذا إذا أقبل العبد على التفقه في الدين فليكن دثاره وشعاره تقوى الله – جل وعلا – والتقوى في هذا معناها ، أن يراعي أمر الله . جل وعلا – وأن يراعي نهيه فيما يأتي وفيما يذر بحسب الاستطاعة (( فاتقوا الله ما استطعتم )) ويستغفر من القصور . والثاني من أسباب التفقه في الدين أن يكون عنده حصيلة من حفظ القرآن الكريم وحفظ الأحاديث النبوية بحسب المستطاع ، لأنه كلما حفظ كان فقهه أكثر ، لأن الفقه وهو الفهم يكون بعد الحفظ ، خاصة في مسائل الشريعة فمن اعتمد على الفهم وحده فإنه يؤتى ، ولكن لا بد من حفظ ثم فهم للمحفوظ حتى يرسخ ، ولهذا قال – جل وعلا- لنبيه عليه الصلاة والسلام : (( فإذا قرأناه فاتبع قرأنه )) كان هذا قبل (( أفلا يتدبرون القرآن )) . الوسيلة الثالثة أن يكون في تفقهه في الدين على وفق منهج أهل العلم وعلى وفق طريقة السلف الصالح ، لأنها هي الطريقة المثلى في الفقه في الدين ، وأن لا يذهب إلى مسائل وأشياء تصعب عليه ثم بعد ذلك يمل من العلم ، فلا يكثر على نفسه من الدروس حتى لا يمل من العلم ، ويسير على وفق المنهج في طلب العلم ، حتى يتدرج فيه شيئًا فشيئًا ، قد قال الزهري في كلمته المشهورة التي ذكرها ابن عبد البر في جامع بيان فضل العلم وأهله ،قال : قال الزهري : من رام العلم جملة ذهب عنه جملة ، ولكن يطلب العلم على مر الأيام والليالي . فالتدرج في العلم وأخذ العلم شيئا فشيئا والفقه شيئا فشيئا ، هذا يتجمع مع الإنسان خير كثير ، فلو أخذت في كل يوم مسألة في التوحيد ومسألة في الفقه واحدة فقط ، عرفتها بدقة وكررتها في مسيرك لأجتمع لك في سنتين سبعمائة وعشرين مسألة في التوحيد ، وسبعمائة وعشرين مسألة في الفقه ، والآن الدراسات الجامعية في الكليات الشرعية تجد أن منهم من يتخرج وقد نسي الكثير الكثير، ومنهم ما بعد التخرج يرجع عاميا أو شبه عامي ، لأنه في المنهج أنهم أعطوهم أكثر مما يقبلون عليه ، المفروض الطالب يجد ويجتهد ، لكنهم كان العلم أكثر من استعداداتهم ، فلذلك قل تحصيلهم . لهذا نقول : إنك تأخذ مسألة شيئا فشيئا في سنتين جمعت سبعمائة مسألة في التوحيد وسبعمائة مسألة في الفقه ، هذه إذا صارت معك ثم بعد سنتين أخرى ألف وأربعمائة مسألة ، عشر سنين تجتمع عندك آلاف المسائل، وهذا هدوء ولكن قوة ورسوخ ، ولكنه مع سهولته صعب أن يطبقه إلا من هو مقبل علي الفقه حقيقة . لأن النفس تتمنى الإكثار ما يكفيها القليل ،تتمنى الإكثار الإكثار وتظن أن هذا مثل الإكثار من المال ، لا هذا إذا أخذت منه شيئا لست في استعداد له ذهب عنك ، الرابع من الوسائل أنك إذا علمت شيئا علمه واعمل به ، لأن التعليم وسيلة من وسائل ثبات العلم ، والعمل وسيلة من وسائل ثبات العلم قال جل وعلا (:فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) وقال: ( ولو أنهم فعلوا ما يعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا ) وقد قال السلف : من عمل بما علم ، أورثه الله علم ما لم يعمل . ولهذا ينبغي لطالب العلم أن يوطن نفسه ، يعني أنه إذا علم مسألة يشرحها ، لا يقول : أن هذا فوق مستواه . اشرحها بالطريقة التي يستجيب له ، تثبت عندك وتنفع ،تنفع زوجتك تنفع أختك تنفع والدتك تنفع أباك تنفع من حولك تنفع صديقك ، لكن بحث العلم ونشره والعمل به هذا من أعظم الوسائل ثم الوسيلة الأخيرة الدعاء والرغب إلى الله –جل وعلا – أن يمنحك الفقه في الدين وخاصة في أوقات الإجابة ، التي يرجى أن يجيب الله – جل وعلا – فيها الدعاء ( من يرد الله أن يهديه يفقهه في الدين ) ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين )فأسأل الله سؤال ملح أن يمنحك الفقه في الدين وأن يثبتك على ذلك ، لأن هذا أعظم من الدنيا وما عليها .
السؤال
سائل يقول ما هي الوسائل المعينة على التفقه في دين الله ؟
الاجابة